لأن المواطنة هي انتماء وانخراط إيجابي وبناء في الحياة العامة، فإن المواطن هو ذلك العضو الفاعل والنشيط الدي يقبل على الشأن العام لمجتمعه بيقظة واهتمام ولا يتأخر عن المشاركة العملية في كل ما من شأنه تحسين وتطوير الحياة المشتركة. إن مجتمع مؤسساتي منظم كفيل بإنتاج مواطنين مندمجين عن وعي في دينامية الرقي و النماء لوطنهم، والجمعية هي اليوم من ابرز مِِؤسسات التنشئة الاجتماعية التي من خلالها يمكن إعداد مواطنين إلى جانب المدرسة و الأسرة وغيرها من المؤسسات، ولما تبين للعالم بأسره أن مشاكل التنمية لا تبرح المسؤولية البشرية ولا تتجاوز حدود الطاقة الكامنة في الإنسان، فإن الاستثمار في رأسمال البشري والتنمية البشرية التي أصبحت الرهان الأساسي لكل تنمية، إنما هي مشاريع ترمي إلى بناء مواطن مندمج في سياق عام سمته الأساسية الفعل والمشاركة ونبد كل أشكال الاتكالية والقصور والسلبية، وهذا وذاك إنما هو موكول في أسبابه و نتائجه إلى إطلاق آليات للتنشئة تغرس قيم المواطنة وتعزز ما هو موجود منها في ثقافة المجتمعات سواء تلك القيم الحديثة أو التراثية.
إن فعاليات المجتمع المدني هي مسؤولية عن طرح أطر ومرجعيات للفعل التربوي ووضع آليات بيداغوجية وتكوينية تروم دعم وإستكمال المشاريع التربوية للمجتمع.لتمكين الناشئة من ثقافة المواطنة وملأ الفراغ المؤسساتي الذي تجد فيه مؤسسة التعليم نفسها وحيدة تتخبط بين منهاج يروم التحديث وعادات مهنية تأبى التغيير وتقاليد مجتمعية تصارع تقلبات الزمن. ومع تنامي إنعطاف الفاعلين الجمعويين إلى العمل التنموي وفق تخصصات معينة ومن منطلقات متعددة وإن كان ذلك في أحيان كثيرة على حساب العمل التربوي. فإن الوضع بات يدعو إلى مراجعة الحصيلة وقد اتضح أن عوائق جدرية لازالت تخترق جسد المجتمع المدني وتحول دون مراجعة المبادرات ومحدودية نتائجها، ولا يستثنى الفاعل المدني نفسه من هذه العوائق التي يجدها في ذاته، من هنا كان من الضروري اتخاذ العمل التربوي كمدخل للتنمية، عبر المساهمة في إنتاج مواطن قادر على الفعل و الاندماج بروح من المسؤولية ،بهذا ستكون الجمعيات قد قدمت للمجتمع إضافة نوعية أعمق في نتائجها و أقوى في تأثيرها من مجرد أنشطة ظرفية وانجازات مناسباتية تهرول خلف الموضة أكثر مما ترسم أبعاد شمولية وأهداف بعيدة الأمد.منقول